دستوريا.. لا يستطيع رئيس الجمهورية حل البرلمان في صورة إسقاط حكومة الفخفاخ

حجم الخط

يسعى مؤخرا أعضاء حزب التكتل والذين لم يتجاوز عددهم الـ70 عضو بين هياكل جهوية ومركزية و"مناضلين"، إيهام الرأي العام والضغط على نواب الشعب لتمرير حكومة الفخفاخ بالترويج أن رئيس الجمهورية سيحل البرلمان في صورة عدم المصادقة على هذه الحكومة.. ولكن بالعودة للدستور والتعمق في فصوله الواضحة في هذا الباب والغير قابلة للتأويل ولا لرأي الخبراء الدستوريين الذين نكن لهم كامل الإحترام، وجدنا أن لرئيس الجمهورية "الحق" وليس الإجبارية في حل البرلمان في حالتين يحددهما الدستور بفصول واضحة وغير قابلة للتأويل حسب الشهوات والرغبات الإنقلابية.

حيث يقول الفصل 89 من الدستور:

تتكون الحكومة من رئيس ووزراءَ وكتّاب دولة يختارهم رئيس الحكومة وبالتشاور مع رئيس الجمهورية بالنسبة لوزارتيْ الخارجية والدفاع.

في أجل أسبوع من الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الحزب أو الائتلاف الانتخابي المتحصل على أكبر عدد من المقاعد بمجلس نواب الشعب، بتكوين الحكومة خلال شهر يجدّد مرة واحدة. وفي صورة التساوي في عدد المقاعد يُعتمد للتكليف عدد الأصوات المتحصل عليها.

عند تجاوز الأجل المحدد دون تكوين الحكومة، أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب، يقوم رئيس الجمهورية في أجل عشرة أيام بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر.

الخرق الأول للدستور من مساعد أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد: وقد أسقط مجلس نواب الشعب حكومة الحبيب الجملي ولكن رئيس الجمهورية وبعد التشاور مع الكتل النيابية والأحزاب لم يختر الشخصية الأقدر على الحصول على الأغلبية البرلمانية .. ولكن إختار الشخصية الأقدر على الفشل لأن إلياس الفخفاخ لم يتم إقتراحه سوى من كتلة نيابية واحدة وهي كتلة تحيا تونس، أصغر كتلة نيابية بالمجلس.. أي أن الرئيس إختار مرشح بـ14 نائبا وترك مرشحا متحصل على تزكية 104 نائب وهو الفاضل عبد الكافي ونرشح آخر متحصل على 96 تزكية نيابية وهو حكيم بن خمودة.. وهو خرق واضح للدستور ونية في الإستحواذ على السلطة المطلقة.

إذا مرت أربعة أشهر على التكليف الأول، ولم يمنح أعضاء مجلس نواب الشعب الثقة للحكومة، لرئيس الجمهورية الحق في حل مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في أجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما.

إستحالة حل البرلمان من قبل رئيس الجمهورية: أولا لم يمر بعد على التكليف الأول 4 أشهر.. إضافة إلى أن رئيس الجمهورية غير مرغم على الذهاب لهذا الخيار لأن الفصل واضح "لرئيس الجمهورية الحق في حل مجلس نواب الشعب" أي أنه ليس مجبرا بالدستور..
في صورة حل البرلمان.. الدستور يضعنا أمام إجبارية تنظيم إنتخابات برلمانية في أجل أقصاه 45 يوما.. وهو الشئ المستحيل: لأن وبكل بساطة الهئية العليا المستقة للإنتخابات بدون رئيس وتفتقد لعضوين ولم يتم بعد رصد الميزانية الكافية للإنتخابات والتي تقدر بـ140 مليون دينار لأن تونس في حالة إفلاس حقيق بشهادة رئيس لجنة المالية. ولا يستطيع البرلمان إستكمال تركيبة الـISIE وإنتخاب رئيسها إلى بعد 6 أشهر على الأقل.. أي في صورة حل البرلمان لا نستطيع تنظيم إنتخابات تشريعية وفي هذه الحالة نقع "الإنقلاب على الجمهورية" فهل سنستنجد بالجيش الوطني لحفظ النظام الجمهوري ؟
يعني وبكل بساطة.. لا يستطيع رئيس الجمهورية حل البرلمان..

الفصل 80 من دستور..

لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذّر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويُعلِنُ عن التدابير في بيان إلى الشعب.

ويجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويُعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة. وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حلّ مجلس نواب الشعب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة.