دستوريا: لن تكون هناك إنتخابات جديدة وبسقوطت الفخفاخ.. قيس سعيّد لا يمكنه حلّ البرلمان

الفراغ، كلمة تتحمّل ما تتبطّنه من معنى لأنّه لا وجود للفراغ. قد يتخيّل البعض أنّه يمكنهم احداث الفراغ لكن التّجربة كذّبتهم إذ ما يصلون إليه في ذاته يملؤ الفراغ. ثمّ، هل تأبى الطّبيعة الفراغ ؟ إنّها تملؤه بدن تأخّر.

أمّا القفز إلى المجهول أو الذّهاب إلى المجهول، عبارة جدّ مخيفة لكنّها لا تزيد عن أن تكون حجّة لمن لا حجّة له ولا غاية منها سوى التّخويف وقطع سبل النّقاس أو الجدل. ثمّ، أليست حياتنا، كلّها، سير نحو المجهول ؟ فمن بيده المستقبل غير المولى غزّ وجل ؟ إنّي أجهل تماما ما تحمله اللّحظة الآتية بما بالك عن الأيام المقبلة.

أعتبر أنه لا مكان لهذه الكلمة وكذلك العبارة في العالم العمليّ والجدّيّ، إذا مرحبا بالفراغ ومرجبا بالمجهول، ولمّا يتعلّق الأمر بما تعارضت في شأنه الآراء على علاقة بالتّكليف الثّاني والذّهاب إلى قبول تمرير حكومة خشية من الفراغ والمجهول، أعتقد أنّه موقف ضعيف وهو حجّة من لا حجّة له.

إنّ لتونس دستور ومهما كان رأينا فيه، إنّه يتضمّن الحلول ويكفي البحث فيها. ولئن تضمّن صراحة امكانيّة حل البرلمان في صورة عدم وصول الحكومة إلى نيل الثّقة، إنّ الدّستور، تضمّن حلولا أخرى، قد تكون حلاّ لمن يرى أنّه ليس من مصلحة تونس أن تمرّ هذه الحكومة.

لنفترض عدم نيل الثّقة أو حاتّى تراجع المكلّف وتخلّيه، إنّه بامكان مجلس نوّاب الشّعب، بأغلبيّته المطلقة، سحب الثّقة من حكومة تصريف الأعمال.
فعلا، إنّ حكومة تصريف الأعمال سبق أن تخلّت عن الثّقة واستقالت وهي تنتظر الحكومة الجديدة لتمرير العهدة، يمكن إذا سحب ما تبقّى من الثّقة منها ليكون التّصويت على لا ئحة اللّوم المناسبة لترشيح شخصيّة لرئاسة الحكومة، وهو رئيس الحكومة البديل حسب التّكليف الثّالث لتكوين حكومة "مجلس نوّاب الشّعب" (الفصل 97 من الدستور). يكون في ذلك، الوضعيّة الأصلح بعد أن كرّس الدّستور التّونسي أنّ الإرادة للشّعب (الفصل 2)، وهو صاحب السّيادة ومصدر السّلطة التي يمارسها بواسطة نوّابه بمجلس نوّاب الشّعب دون غيره (الفصل 3 من الدّستور).
إنّ رئيس الحكومة البديل يتمتّع بثقة مسبّقة تمكّنه من تكوين حكومة في آجال وجيزة، حكومة تحضى بمساندة شعبيّة عبر نوّاب الشّعب تضمن الاستقرار وفرصة للنّجاح.

فأين الفراغ وأين المجهول ؟
 

الأستاذ نزيه الصويعي