630 دينارا.. كلفة مصاريف العيد لأسرة صغيرة
حجم الخط
رأي وتحاليل - كريمة السعداوي: رغم الركود الاقتصادي الحاد الذي تعيش على وقعه تونس اذ خسرت جل المؤسسات على الاقل 90% من ارقام معاملاتها حسب اتحاد الاعراف وتوقع المتابعين للشأن الاقتصادي الوطني تفاقم هذا الوضع مع بداية النصف الثاني من العام الحالي بحكم الانهيار المنتظر، بشكل مؤكد، للقطاع الخارجي والتعثر المرتقب والخطير للمنظومة البنكية، ووفقا للدوائر المالية العالمية، فان ازدياد الاسعار يتواصل بشكل مفزع، اذ بلغ ارتفاع مؤشر اسعار الاستهلاك العائلي نهاية افريل 6.3 %، بحساب الانزلاق السنوي.. ↔
ويبرز المتخصصون ان هذه النسبة لا تعكس الواقع لعدم اعتبارها مؤشر الاستقطاب الجهوي والفئوي.
“كورونا”، الركود التضخمي والمأساة الاجتماعية
مثلما كان متوقعا، انهار الاقتصاد التونسي، بشكل كامل، في اول صدمة انتاجية نتجت عن وباء كورونا نظرا لهشاشته الشديدة وانعدام كفاءة “مسيريه” و”نبوغ” النقابات، من كل حدب و صوب، في تعطيل دواليبه طيلة عقد كامل. ولم تنفع على ما يبدو محاولات الجهات العديدة من “مستشهري” تجربة الانتقال “الديمقراطي” في انقاذ المنظومة رغم ضخ قروض وتمويلات غير مسبوقة تناهز ضعف عجز ميزانية الدولة (7 مليارات دينار) يجهل الى اليوم مصير انفاقها في ظل عدم قيام وزارة المالية باي افصاح في هذا الخصوص رغم ان الامر يتعلق بحق اساسي للمواطن اذ ترجع اخر نشرية لمتابعة تنفيذ الميزانية الى ديسمبر 2019.
وارتفعت نسبة التضخم في تونس، خلال شهر أفريل 2020، استنادا الى بيانات المعهد الوطني للإحصاء على عيوبها المنهجية العديدة الى مستوى 6.3% لتصل معاناة اكثر من مليوني تونسي – دون أي مدخول منذ شهرين – الى حد لا يطاق. وشمل ارتفاع الاسعار المواد الغذائية ليصل اجمالا الى 7.1% والمواد المصنعة بواقع 7.6% والمواد الحرة غير المسعرة بنسبة 6.5%، وما خفي أعظم.
بأي حال عدت يا عيد ؟
ككل عام يتمنى “الشارع المغاربي” للشعب التونسي والامة الاسلامية جمعاء عيد فطر مبارك بعد شهر من تأدية فريضة الصيام، تقبلها الله من الجميع. غير انه من المؤسف ان فرحة العيد قد تشوبها هذا العام في تونس، احد اكثر بلدان المنطقة العربية تضررا من الناحية الاقتصادية، نكسة سيحسها الفقراء بشدة وهم رسميا 15.2% من المواطنين دون اعتبار المعوزين (3% من التونسيين).
وتصل وفق البيانات الاحصائية كلفة اللوازم الأساسية لعيد الفطر، باحتساب انفاقها من قبل أسرة من أربعة أشخاص، أب وأم في كفالتهما طفلان ويتقاضان معدل دخل يساوي 1460 دينار شهريا وهو متوسط الراتب في البلاد، الى حوالي 630 دينارا علما انه جرى افتراض وجود العائلة في إقليم تونس الكبرى بحكم الكثافة السكانية فيه وهو الذي يضم 27 % من سكان الجمهورية.
أبرز المصاريف
تتمثل بناء على المعطيات الاحصائية للسنوات المرجعية 2016-2019 ابرز المصاريف في عيد الفطر للعائلة محل الدرس حسب بيانات المعهد الوطني للإحصاء والمنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ومعهد الاقتصاد الكمي في ما يلي :
- 330 دينارا : كلفة كسوة طفلين (تتراوح أعمارهما بين 8 و 15 سنة)؛
- 120 دينارا :متوسط أسعار الحلویات التقليدية (بقلاوة وكعابر وغريبة ومقروض) في محلات الأحياء الشعبية؛
- 180 دينارا : مصاريف التنقل والترفيه والهدايا.
و لتوفير هذه المصاريف تلجا ثلث العائلات التونسية للاستدانة من البنوك باعتبارها المصدر الرئيسي لتمكينها من مجابهة مصاريف ذروة المواسم الاستهلاكية في حين تعول 65% العائلات على المدخرات البسيطة ولكنها مجبرة في الغالب على الاقتراض من الاقارب والاصدقاء والجيران والزملاء في العمل. وتقدر ديون الأسر لدى البنوك ، إجمالا، بحوالي 24 مليار دينار دون احتساب التغطية على الحسابات الدائنة او ما يعرف اكثر بـ “الروج” وهو الذي يقارب في المعدل لسنة 2018 نحو 5 مليارات دينار، ما يعادل اجمالا 62 % من ميزانية الدولة للعام الحالي.
ويمثل الادخار العائلي ربع الادخار الوطني ككل وهو في تراجع بسبب تآكل الطبقة الوسطى التي تمثل نحو 67 % من الأسر. كما تحاول بعض المؤسسات الحكومية والخاصة والوزارات خلال فترة العيد تمكين الموظفين من منح استثنائية تتراوح بين 150 و400 دينار حسب حجم المؤسسة وعدد العاملين فيها.
ازدياد الأسعار
موجة الغلاء الراهنة تدفع بالكثير من الأسر لتغيير عاداتها الاحتفالية باللجوء لأسواق الملابس المستعملة والمقلدة بنسبة 70% من عموم المستهلكين وتخص اهم الزيادات الموسمية في العيد الملابس والأحذية بنسبة 35% والحلويات والمواد الغذائية المشابهة بنحو 27% والترفيه بنسبة 15%.
وتحتاج الأسرة إلى شهرين على الأقل لاسترجاع توازنها المالي لتجد نفسها مرة ثانية في مواجهة مصاريف عودة المدارس وعيد الأضحى. ولا تنجح عموما جهود الأسر في تقليص حجم النفقات بسبب ارتفاع الأسعار والحرص على المحافظة على العادات، في حدود الاستطاعة.